رهط تحتفي بإبداعها السينمائي: العرض الأول لفيلم “عيد” يكسر الحواجز الثقافية
في أمسية ثقافية مميزة، شهدت مدينة رهط حدثًا تاريخيًا غير مسبوق، حيث تم عرض الفيلم الروائي “عيد” لأول مرة في المركز الجماهيري رهط، في قاعة القصر الثقافي، أمام مئات من الحضور من الوسطين العربي واليهودي. الفيلم الذي أخرجه يوسف أبو مديغم، المخرج البدوي المبدع من رهط، أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط الثقافية كونه العمل السينمائي الأول من نوعه لمخرج بدوي. هذا العمل يمثل نقلة نوعية في تاريخ الإنتاج السينمائي البدوي، ويُبرز الهوية الثقافية والاجتماعية للمجتمع البدوي الذي طالما تم تجاهله في السينما الكبرى.
يوسف أبو مديغم، الذي نشأ في شوارع رهط، لم يكن مجرد مبدع عادي. الحاصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في الإعلام من كلية سبير، وطالب حاليًا في مساق “ثقافة السينما” في جامعة حيفا، استطاع أن يترجم تجربته الشخصية وهموم مجتمعه البدوي إلى أفلام تسلط الضوء على قضايا غالبًا ما تُغفل من قبل وسائل الإعلام. بأسلوبه الفريد الذي يمزج بين الواقعية والتعبير العاطفي، نجح أبو مديغم في ترسيخ اسمه كواحد من أبرز الأصوات السينمائية في المجتمع العربي.
يحكي فيلم “عيد”، المستوحى من قصة حقيقية، قصة شاب يدعى عيد، يطمح لأن يصبح كاتبًا مسرحيًا، ولكنه يجد نفسه محاصرًا في دوامة الحياة القاسية التي تحول دون تحقيق أحلامه. يشكل الأداء المؤثر لشادي مرعي في دور البطولة عاملًا رئيسيًا في نجاح الفيلم، حيث أضاف عمقًا وتعبيرًا للشخصية، ما جعله يستحق جائزة أفضل ممثل في مهرجان القدس السينمائي 2024. كما حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم روائي في نفس المهرجان.
يعتبر العرض الأول لفيلم “عيد” في رهط حدثًا ثقافيًا هامًا، حيث امتلأت قاعة القصر الثقافي بالحضور من أبناء المدينة والقيادات الثقافية والاجتماعية الذين أشادوا بالفيلم كمنصة هامة لإبراز الهوية الثقافية والسينمائية للمجتمع البدوي.
في كلمته خلال الحدث، قال الدكتور عامر الهزيل، نائب رئيس بلدية رهط: “فيلم عيد هو تجسيد حي لقوة الإبداع المحلي وقدرته على تسليط الضوء على قضايا مجتمعية هامة بأسلوب فني راقٍ. نحن فخورون بابن مدينتنا يوسف أبو مديغم الذي نجح في إيصال صوت مجتمعنا البدوي إلى العالم. إن دعم مثل هذه المبادرات هو واجب علينا جميعًا لتعزيز هويتنا وإبراز مواهبنا”.
أما فؤاد الزيادنة، مدير المركز الجماهيري، فقد وصف الحدث قائلاً: “نعتبر عرض فيلم عيد حدثًا يعكس رؤيتنا لدعم الفن المحلي وتعزيز الثقافة في مجتمعنا. هذا الفيلم يمثل نافذة تطل على التحديات والأحلام التي يعيشها مجتمعنا البدوي، ونسعد بأن نكون منصة لعرض هذه الإبداعات التي تساهم في تسليط الضوء على قضايا مجتمعية هامة”.
من جهته، قال ماجد الكمالات، عضو بلدية رهط: “إن النجاح الكبير لفيلم عيد هو شهادة على أن المجتمع البدوي يمتلك القدرة على الإبداع والابتكار في جميع المجالات، بما في ذلك السينما. نحن نشهد بداية لمرحلة جديدة من الإبداع السينمائي في النقب، وسندعم هذه المبادرات التي تعكس واقعنا وتطلعاتنا”.
رائد العبرة، عضو بلدية رهط، أضاف: “فيلم عيد ليس مجرد عمل سينمائي، بل هو رسالة مجتمعية تحمل بين طياتها قضايا وهموم المجتمع البدوي. السينما تمثل أداة قوية للتغيير الاجتماعي، ونحن بحاجة إلى المزيد من هذه المبادرات التي تتيح لأصواتنا البدوية أن تُسمع وتصل إلى جمهور أوسع”.
في كلمته الختامية، أكد يوسف أبو مديغم أن فيلم “عيد” يمثل أكثر من مجرد تجربة سينمائية. وقال: “هذا الفيلم هو رسالة مجتمعية تحمل بين طياتها هموم وتطلعات المجتمع البدوي. نحن بحاجة إلى دعم المزيد من المواهب المحلية وتوفير المنصات الإبداعية التي تتيح لنا تسليط الضوء على قضايا مجتمعنا. هذا النجاح هو بداية واعدة لصناعة سينمائية ناشئة في النقب، وأنا أطمح أن يصبح الفن البدوي جزءًا أساسيًا في السينما العالمية”.
إن نجاح فيلم “عيد” يمثل بداية لمرحلة جديدة من الإبداع السينمائي البدوي في النقب. الفيلم يشكل دليلًا حيًا على أن الفن قادر على كسر الحواجز الثقافية والاجتماعية، وعلى أن رهط، عاصمة الجنوب، ليست فقط مدينة للصمود، بل أيضًا مصدر إلهام وإبداع. مع إنجازات مثل فيلم “عيد”، من المتوقع أن تحظى السينما البدويّة بمكانتها المستحقة على خارطة السينما العالمية، وستظل رهط منارة للفن والمجتمع.