صناديق الاقتراع كفيلة بجعل صرخة وقف الجريمة مستمرة
بقلم الاخصائي النفسي: محمد عارف القريناوي
تعيش الجماهير العربية حالة احباط التي من شأنها التأثير سلبا على نتائج الانتخابات للكنيست وذلك مع استمرار الجريمة والعنف الذي يفتك نسيج مجتمعنا خصوصا في النقب والبلاد عموما. عمليات القتل غير المبررة المنتشرة بقوة كبيرة لا تعير أي أهمية لا لسلطات انقاذ القانون ولا حتى للشرطة التي اعترفت أكثر من مرة انها لا تملك الموارد البشرية اللازمة من اجل كبح جماح هذه الآفة الدخيلة على مجتمعنا وهي في تطور خطير يوما بعد يوم.
سخرية القدر في ذلك، ان السكان العرب الذين يحلمون بليلة هادئة داخل بيوت التي لم تصبح آمنة منذ فترة ان يصل الرصاص الى التجمعات اليهودية المجاورة، لأنه فقط في هذه الحالة يتم تقصي المجرم والوصول اليه في فترة زمنية قياسية ويقدم فورا للعدالة وينال الجزاء الذي يستحقه. إن تصاعد آفة العنف في مجتمعنا التي تحولت الى ظاهرة مقلقة جدا وتتغلغل بقوة، كما أصبح السلاح لغة الحوار وأصبح الانسان لا يأمن لا على نفسه ولا على أولاده حيث يفقد الأمن والأمان داخل بيته وتسود الفوضى في كل مكان.
لقد أصبح القتل “كشربة ماء” والاجرام والعنف “عاديا” في مجتمعنا، وكأن سفك الدماء “شيء طبيعي ومُسلّم به”. تغير بنا المقام سريعا وكأننا تحولنا إلى “خير أمة أخرجت للشر” وليس “خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر”، حيث ضاعت الاخلاق وغاب القانون، ومن المؤسف والمؤلم والمخزي ان نقتل بعضنا بعضا بلا سبب، ونتشاجر من أجل أشياء تافهة، فلا تضبطنا الأديان السماوية ولا التشريعات القانونية ولا الأخوّة في الله ولا الانسانية ولا حتى العادات والتقاليد العربية الأصيلة.
حمل السلاح ليس عملا وطنيا، وإنما ضعف ويحمله الجبناء فحسب. لا نريد فاجعة وجنازة في مجتمعنا كل يوم، لقد امتلأت مقابرنا بالشباب الأبرياء وامتلأت المشافي بالمصابين والمعاقين. لا بد من وقفة حازمة وصرخة مدوية ضد هذه الجرائم الخطيرة، ومحاربتها واجب اخلافي وديني وإنساني، وعلينا جميعا المسؤولية الكبيرة أمام الله وأمام مجتمعنا، لأن هذه الآفة أصبحت لا ترحم وتأكل الأخضر واليابس، والقادم أعظم.
مشاكل التوظيف، والمساكن للأزواج الشابة اضافة الى كبح جماح العنف المستشري في مجتمعنا، هي مشاكل يومية نعاني منها ليل نهار، والانتخابات البرلمانية هي فرصة ذهبية من اجل اسماع صوت المستضعفة قواهم، لا يمكننا الصراخ اننا امام وحش كاسر دون التحرك الفعال من اجل وقف هذه الظاهرة من خلال اسماع الصوت داخل اللجان الحكومية والبرلمانية في أروقة الكنيست، إضافة الى المحافل القطرية التي تتخذ من تل ابيب والقدس مقر لها، هذه الصرخة تكون اصدق عندما تسمع ممن يكتوي بنار هذه الجريمة، وفي سبيل حل هذه المشاكل لا يمكننا التعويل الصراخ خارج أروقة الكنيست من اجل طرح قضايانا الملتهبة وعلى رأسها الجريمة والعنف.
هنالك العديد من الأصوات التي لا تؤمن بجدوى العمل البرلماني وتطالب بالمقاطعة، هل نملك مشروعا جمعنا من أجله الميزانيات الكافية من متابعة وملاحقة قضايانا، ام انها مجرد دعوة لا تستند الى العمل الميداني الذي يحتاج متابعة يومية لحل مشاكلنا. جميل ان نطالب بالمقاطعة لكنها لن تأتي بالنتيجة المرجوة ما دمنا لا نحرك ساكنا فيما يتعلق بملاحقة مشاكلنا وإيجاد الحلول لها من خلال رصد الميزانيات الكافية من لحلها وبناء برامج وخطط على مدار العام.
المواطنون لهم كامل الحق في التصويت أو البقاء في بيوتهم يوم الانتخابات، لكن لكل شيء ثمن، وثمن تخاذلنا في عدم رفع قضايانا اننا لا نأتي بعد الانتخابات ونحمّل فشلنا على غيرنا.
هذه فرصة ذهبية لإبقاء صوت الجماهير العربية مسموعا داخل دوائر صنع القرار في الكنيست. لأجل ذلك، وفي سبيل إبقاء صرختنا مدوية يجب علينا ان نهتم بإيصال النواب العرب الى الكنيست، هم أبناء هذا المجتمع ويكابدون مشاكله ويعيشون قضاياه الملحة ويتابعونها ليل نهار، واجبهم السهر على طرح قضايانا وتحمل عناء ومشقة هذا العمل البرلماني، وواجبنا دعمهم يوم الانتخابات بالذهاب والتصويت لإيصالهم هناك.