الصوفيون يسعون للظفر بفيل الهند العظيم بعيدا عن كاتماندو وبئر السبع
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
تحتوي حقيبة سفر الشاعرة في دروب الهند الواسعة على الكثير من القصائد التي تعينها على سلك المسارات التي لا تشبه بعضها البعض خصوصا عندما يتم التطرق الى شبه القارة الهندية، وخصوصا الدولة الأكبر في العالم من حيث عدد السكان جارة الصين الذي سيصل عدد سكان الهند 1.668 مليار نسمة في 2050.
ديوان أ.د. حبيبة بيدايا الصادر في أيار/مايو 2022 عن دار منشورات البيارة “برديس” الذي يحمل عنوان “الهند: قصائد السفر والاعتدال”، هو ليس مجرد قصائد مصفوفة الواحدة تلو الأخرى، بل تحمل مشروعها الفكري الذي تقوده في الشعر والادب والعلوم الدينية والتشريعية بالتركيز على حركات التصوف اليهودية. تأتي الشاعرة إلى مكان ما وتنظر إلى نفسها من بعيد. تحمل القصائد التجارب التي خاضتها في بئر السبع حيث تسكن والهند إضافة الى النيبال وكاتماندو والتبت، بين البحيرات والأنهار والموسيقى والصلوات. اذ أثارت الرحلة خطابًا داخليًا يتعلق بالقيمة السامية والطريقة التي تنعكس بها العالم. في تعدد الأشكال، في صراخ الطاووس وغناء الأطفال، والتلاوات في المعابد.
أ.د. حبيبة بيدايا (65 عاما) هي باحثة وشاعرة يهودية من أصول عراقية، محاضرة في جامعة بن غوريون في النقب في قسم تاريخ شعب إسرائيل ونشرت العديد من الأبحاث إضافة الى الرواية والشعر، ومنها: الجزيرة ميم، يعيون القطة، الجحيم هو الجنة في الاتجاه المعاكس، نزهة بعد الصدمة، التصوف اليهودي والتحليل النفسي، عودة الصوت المنفي: الهوية الشرقية – الشعر والموسيقى في الحيز العام.
تحمل الأستاذة بيدايا هم الصوت المنفي في الحيز العام العبري الذي همش خصوصا صوت يهود العراق. وليس من قبيل الصدفة أن توجد في إسرائيل عبارة رثاء حزينة عن يهود العراق حيث فر عشرات الآلاف منهم إليها بعد عام 1948 وسط موجات عنف صاحبت قيام إسرائيل. ومما لا شك فيه أن انتقال تلك الطائفة المتعلمة والنشطة والمبدعة أثرت إسرائيل.
لكن هذا جرد العراق أيضا من أقلية كان لها مساهمتها على مر السنين في هويته السياسية والاقتصادية والثقافية. ففي عام 1947 وقبل عام واحد من قيام إسرائيل بلغ عدد أفراد الطائفة اليهودية نحو 150 ألفا مقارنة بعددهم الذي لا يذكر تقريبا اليوم. ويرجع تاريخ اليهود في العراق إلى نحو 4000 عام وإلى أيام الملك نبوخذنصر الذي حكم بابل ونفى اليهود منذ أكثر من 2500 عام. وفيما بين العامين 1950 و1952 تم نقل حوالي 125 ألف يهودي عراقي جوا إلى إسرائيل. جاء كل منهم بحقيبة واحدة واضطروا جميعا للتخلي عن الجنسية العراقية.
يثار دوما لدى حبيبة في اعمالها الثقافية والابداعية أسئلة المنفى والشتات في سياق الخلاص بمفاهيمه المتشعبة على الدين الإسلامي واليهودي والمسيحي إضافة الى معتقدات وفكر الشرق، وترى في مجمل اعمالها التي قدمتها حتى اليوم، اذ ترى انه “في المجتمع الإسرائيلي، خلاص الواحد يتمثل بنفي الآخر”.
كما انها تتحدث عن حقيقة وجود الله في حياتنا باعتباره مطلبًا دائمًا للعمل الأخلاقي، وتعتبر انه على عكس القائد ابراهام جوشوا هيشيل، الذي دافع عن النضال من أجل حقوق السود في الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي، لم يكن هناك أحد في إسرائيل يسير بجانب يهود الشرق في وادي صليب.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع في حقول الثقافة ومبادر منصة هُنا الجنوب