ثراء تراثي هائل: لغة الضاد ضيفة شرف مهرجان أفنيون الفرنسي الشهير للمسرح

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف

أعلن مدير مهرجان أفينيون، المخرج البرتغالي تياجو رودريغيز، الذي يعد أول أجنبي يتولى رئاسة هذا المهرجان الفرنسي الشهير، يوم الاثنين، أن اللغة العربية ستكون ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون لعام 2025. كما كشف عن أن الفنانة الشريكة ومصممة الحركة مارلين مونتيرو فريتاس ستقدم العرض الافتتاحي في قصر الباباوات.
ستسلط الدورة التاسعة والسبعين، الأضواء على اللغة العربية كلغة الشرف ضمن برنامج المهرجان، حيث وصفها رودريغيز بأنها “لغة ذات ثراء تراثي هائل” و”لغة جسر”. جاء هذا الإعلان خلال لقاءه مع الصحافة والجمهور. يُذكر أن اللغة الإسبانية كانت ضيفة الشرف في الدورة السابقة، حيث تم تخصيص 30% من البرامج لها، بينما كانت اللغة الإنجليزية هي لغة الشرف في العام الماضي.
في الدورة القادمة، ستتألق اللغة العربية كضيفة في المهرجان، وستقوم مارلين مونتيرو فريتاس بتصميم العرض الافتتاحي في ساحة قصر الباباوات. تُعتبر فريتاس مصممة حركة بارزة، وقد حصلت على الأسد الفضي في بينالي البندقية عام 2018. وستكون أيضًا “فنانة مشاركة” في هذه الدورة.
ويأتي اختيار اللغة العربية بالتعاون مع معهد العالم العربي، حيث شارك مدير المعهد جاك لانج في هذا اللقاء. وأوضح رودريغيز أن “اللغة العربية هي لغة جسر، تمتاز بتراث ثقافي غني وتنوع معاصر كبير، وقد قدمت لنا الكثير من المعرفة عبر العصور”. وأشار لانج إلى أن هذه اللغة لهجة “عمرها عدة قرون”، يتحدث بها “اليهود والمسلمون والمسيحيون وغير المؤمنين”، مما يعكس غناها في مجالات المعرفة والفن، كما هو الحال في تدريس اللغة العربية في كوليج دو فرانس.
يُعتبر هذا الخيار ذو دلالة سياسية أيضًا، حيث ذكر لانج أن اللغة العربية غالبًا ما تتعرض لـ”الصور النمطية” و”الاحتقار” من بعض القوى السياسية. ومع ذلك، أكد رودريغيز أن هذا الخيار ليس مجرد رد فعل على السياق السياسي الراهن، بل هو “خيار ثقافي وفني عميق”. وقد وعد المخرج بأن يقدم للجمهور “الثراء والمعرفة والتنوير” التي تلخص تاريخ هذه اللغة، وتبرز أهميتها اليوم.

صور نمطية وتهميش واحتقار
وعن العرض الافتتاحي، أكد رودريغيز أن فريتاس ستقدمه، مشيرًا إلى أن “رقصها يمزج بين العلاقة الكهربائية مع الجسد وكثافة الفكر الفلسفي في عصرنا”. وأشاد بالمصممة قائلًا إنها فنانة “تقفز من تخصص إلى آخر”، مستعرضًا أعمالها في مجالات الرقص والحركة والمسرح والأداء والفنون البصرية والسينما.
يسعى رودريغيز إلى دمج الشعور بالعالم ومعاناته في العديد من الأعمال التي يبرمجها، حيث عرض المهرجان في الدورة الحالية أعمالًا بلغة “موضع الضوء” ــ في هذه الحالة، الإسبانية ــ لكن التركيز بدا واضحًا على الأعمال الخطابية التي تحمل رسائل معينة. كما برمج رودريغيز حفل المحكمة الشرفية بأغنية “الأمهات: أغنية لزمن الحرب”، التي أدتها جوقة من النساء الأوكرانيات والبيلاروسيات والبولنديات، حيث يغيرن كلمات الأغاني الشعبية الأوكرانية لحشد أوروبا للدفاع عن أوكرانيا.
أما فيما يتعلق بحضور المهرجان لهذا العام، أشار بيير جيندرونو، نائب المدير، إلى “اتجاه إيجابي للغاية” في الحضور، حيث بلغت النسبة 92% في الأسبوع الأول و97% في الأسبوع الثاني. وأكد رودريغيز أن الجمهور كان حاضرًا منذ اليوم الأول، رغم التحديات التي واجهها هذا العام، بما في ذلك تنظيم الألعاب الأولمبية وما يتطلبه من تعبئة للشرطة، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالانتخابات التشريعية.
تأسس مهرجان أفينيون عام 1947 من قبل جان فيلار، ويُعتبر واحدًا من أهم أعلام الفن المعاصر في العالم. كل عام في شهر تموز/يوليو، تتحول مدينة أفينيون إلى مدينة مسرحية، حيث تُستخدم معالمها المعمارية كمواقع أداء مدهشة، وتستقبل عشرات الآلاف من محبي المسرح من جميع الأعمار. كما ينجح المهرجان في الجمع بين جمهور متنوع وإبداع دولي متطور، مما يجعل أفينيون حالة ذهنية، حيث تتاح الفرصة للجمهور لمناقشة العروض وتبادل التجارب. ويحتوي البرنامج على عروض، بالإضافة إلى قراءات ومعارض وأفلام ومناظرات، مما يوفر نظرة ثاقبة لعالم الفنانين والمثقفين المدعوين. كل مساء، يُقام افتتاح واحد أو أكثر، مما يجعل أفينيون مركزًا للإبداع الفني والمغامرة لكل من الفنانين والجمهور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى