محاباة بريطانية لألمانيا النازية قبل اشتعال فتيل الحرب العالمية الثانية
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
يقدم تيموثي (تيم) بليديل بوفيري (37 عاما) رؤية تاريخية جديدة لسنة المداولات الرئيسية والفشل الدبلوماسي والصراعات البرلمانية التي مهدت الطريق إلى حكم النازيين في أوروبا. يعتبر بوباري المؤرخ البريطاني الشاب من مواليد حزيران/يونيو 1987، من الجيل الواعد في المدرسة التاريخية الإنجليزية المعاصرة.
ويتعقب كتابه “استرضاء هتلر: تشامبرلين وتشرشل والطريق إلى الحرب” الصادر في نيسان/ابريل 2019 المحاولة الفاشلة التي أقدمت عليها كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا في استرضاء ادولف هتلر قبل الحرب العالمية الثانية من خلال ابرام معاهدة ميونخ عام 1938، التي تم تسليم أجزاء من تشيكوسلوفاكيا إلى ألمانيا النازية في محاولة مخيبة للآمال من اجل تجنب الصراع الكبير في أوروبا. الذي جاء فيه انه خلال ظهيرة احدى الأيام الرطبة في أيلول/سبتمبر 1938، نزل آرثر نيفيل تشامبرلين من الطائرة التي أعادته من ميونخ وأعلن أن زيارته إلى الزعيم النازي ادولف هتلر حالت دون وقوع أكبر كارثة في تاريخ البلاد حاملا معه رسالة “السلام في عصرنا”، وطمأن الحشد الذي تجمع خارج داونينج 10 بأن الحرب لن تقع مع المانيا. وبعد أقل من عام، غزت ألمانيا بولندا، وبدأت الحرب العالمية الثانية.
يأتي كتاب بوفيري الصحفي السابق في القناة 4 الإخبارية البريطانية الذي يعمل حاليا على اعداد كتاب جديد عن دبلوماسية الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، بعد نحو عقد، من نشر الوثائق في 2008 التي رفعت عنها السرية ولم يتح الاطلاع عليها من قبل أن جيمس لونسديل برايانز المتعاطف مع الفاشيين سافر الى ايطاليا في محاولة للتفاوض على اتفاق من خلال السفير الالماني في روما اولريتش فون هاسل، ومحاولة “الدبلوماسي” البريطاني ابرام اتفاق سلام مع المانيا بعد أشهر من بداية الحرب العالمية الثانية مقترحا اطلاق يد النازيين في أوروبا اذا وافقوا على عدم التعرض للامبراطورية الاستعمارية البريطانية. وتكشف السجلات التي رفعت عنها السرية بموجب قانون حرية المعلومات أن وزارة الخارجية البريطانية كانت على علم بالرحلة لكنها كانت قلقة بشأن مسلك لونسديل برايانز. وجاء في مذكرة لجهاز الامن “ذهب الى ايطاليا بعلم وزارة الخارجية لتطوير اتصالاته، وقد تجاوز بكثير حدود التعليمات الصادرة له”.
أدى الغزو الالماني لفرنسا عام 1940 الى تغيير المناخ السياسي بشكل جذري. وحل وينستون تشرشل محل نيفيل تشامبرلين رئيسا لوزراء بريطانيا وبات الوضع أصعب بالنسبة لمؤيدي استرضاء ألمانيا. وهكذا تسنى لتشرتشل تولي رئاسة الوزراء بعد استقالة تشامبرلين، وكان تشرشل المؤرخ والكاتب غزير الإنتاج قد دق ناقوس الخطر بشأن الزعيم النازي أدولف هتلر قبل ذلك بسنوات. وعند توليه رئاسة الحكومة رفض إبرام هدنة مع ألمانيا وقال جملته الشهيرة “لن نستسلم أبدا”.
والاتفاق الذي أشار إليه برايانز المتعاطف مع الفاشيين هو معاهدة ميونيخ، والتي وقعت عليها كل من ألمانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا في 30 أيلول/سبتمبر 1938، وتمت بمقتضاها الموافقة على أطماع أدولف هتلر التوسعية في أوروبا بعد أن تذرع بحماية الألمان في المناطق الحدودية الفاصلة بين تشيكوسلوفاكيا وألمانيا، الأمر الذي سمح له لاحقا باجتياح هذا البلد ودول أوروبية أخرى. ونصت المعاهدة على قبول بريطانيا وفرنسا طلب ألمانيا بضم منطقة سوديتنلاند في تشيكوسلوفاكيا التي كان يقطنها 800 ألف تشيكي و2.800.000 شخص من أصل ألماني، وتضم أغلب المراكز الصناعية والاتصالات والمراكز العسكرية والدفاعات الطبيعية الحيوية. كما تضمنت المعاهدة وعدا من ألمانيا النازية بإنهاء توسعاتها العدوانية، واعتبرتها بريطانيا وفرنسا محاولة لتجنب الحرب، ولكن هتلر سارع إلى نقض الاتفاقية، وانطلق بعد اجتياح تشيكوسلوفاكيا إلى احتلال بولندا، لتندلع على أثر ذلك الحرب العالمية الثانية عام 1939، أي بعد عام واحد على توقيع المعاهدة التي عرفت تاريخيا بأنها “خيانة ميونيخ”.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع في حقول الثقافة ومبادر منصة هُنا الجنوب