ناتاشا تتحضر لأداء صلاة الجنازة بينما الدخان يحجب مئات الجثث المحروقة

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف

نشأة الصراع الروسي مع الغرب هو ليس وليد اللحظة، والحرب الروسية – الأوكرانية التي تدخل بوابة العام الثاني على التوالي ببطء شديد مع خسائر لا تعد ولا تحصى منذ دخلت القوات الروسية الأراضي الأوكرانية في الساعات الأولى من صباح 24 شباط/فبراير 2022، لتشعل أسوأ نزاع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وبعد عام من الغزو، تحولت مدن أوكرانية إلى أنقاض فيما صار جزء من البلاد تحت الاحتلال الروسي وسقط أكثر من 150 ألف قتيل أو جريح من الجانبين، وفقا لتقديرات غربية. وبالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، تطالب روسيا بأربع مناطق أخرى في شرق أوكرانيا وجنوبها.

تاريخ روسيا الثقافي، من خلال كتاب أ.د. أورلاندو فيجز (63 عاما) الصادر في 2002 بعنوان “رقصة ناتاشا” يعيد سرد قصة صراع روسيا من بدايتها مع الغرب، ويعتبر حيويا لإدراك العداء طويل الأمد التي لن تتنازل عنه موسكو. الأستاذ الدكتور أورلاندو فيجز هو مؤرخ بريطاني متخصص في تاريخ روسيا، في الأعوام 1984-1999 درس التاريخ في جامعة كامبريدج، وترجمت كتبه إلى نحو 30 لغة، وصدر آخر كتاب له في 2022 بعنوان ” قصة روسيا”، ولد في لندن، والدته هي إيفا فيجز، كاتبة بريطانية ولدت في ألمانيا لعائلة يهودية وهربت إلى بريطانيا عام 1939.

يصور كتاب “رقصة ناتاشا” الذي يقع في 784 صفحة، حياة الناس الذين خلقوا وشكلوا ثقافة وروح الشعب الروسي، اذ يتناول الموضوع الرئيسي للكتاب الانتقال المستمر بين المثل الثقافية الأوروبية للطبقة الأرستقراطية في سانت بطرسبرغ والروسية “الأصيلة”، والتي كانت تتجسد عادة في حياة الفلاحين والقرية. وكان الجدل الكبير حول الثقافة الروسية بين أولئك الذين رأوها ثقافة “غربية” بطبيعتها وأولئك الذين سعوا لإيجاد روحها الحقيقية في سهول الشرق الشاسعة.

يبني أورلاندو فيجز هيكل الكتاب حول هذا الموضوع المركزي، حيث يقدم مجموعة متنوعة من المعلومات وأوصافا متعددة الأوجه للمحظيات، والسلالات، والمسؤولين، وصانعي الأفلام، والكتاب، والملحنين، والشعراء، والقياصرة، والطغاة، ويعرض جديدة ومبتكرة عن جوانب الثقافة – سواء عن روايات تولستوي ودوستويفسكي، أو عن فن العمارة في سانت بطرسبرغ أو عن شعر آنا أخماتوفا. تظهر بعض الإنجازات العظيمة للثقافة الروسية، كجبال ضخمة نشأت فجأة من منظر طبيعي منبسط وموحد. يعطي الكتاب سياقا لهذه الإنجازات ويملأ المشهد بتفاصيل حيوية.

بسبب الحرب، قامت جامعة إيطالية في 2022 بمنع محاضرات تتناول أدب عملاق الابداع الروسي دوستويفسكي، الا انها تراجعت عن قرارها، نزامنا مع افتتاح ملجأ قديم مضاد للأسلحة النووية في الدنمارك الذي يحيي مخاوف الحرب الباردة، وتحوّل هذا الملجأ الواقع تحت الأرض، حيث بقي كل شيء على حاله، إلى متحف مؤخرا، فيما تتجدّد المخاوف في أوروبا من اندلاع حرب نووية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وأنشئ هذا الملجأ بين عامَي 1963 و1968 بإصرار من حلف شمال الأطلسي (الناتو) عقب التجارب النووية السوفياتية وأزمة الصواريخ الكوبية. وصمّم هذا المكان الذي يطلق عليه “ريغن ويست” لإيواء أفراد الحكومة الدنماركية والملك في حال نشوب حرب نووية.

فيما تسعى الصين منذ أسابيع إلى أداء دور الوسيط في النزاع بين كييف وموسكو، اذ تعبر بكين عن موقف واضح يرفض أي استخدام للسلاح النووي بينما لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا بذلك. وفي تعقيبه، قال الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي انه “من الضروري العمل” مع الصين سعيا الى ايجاد حل للنزاع مع روسيا، وإنه يعتزم لقاء نظيره الصيني شي جينبينغ.

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع في حقول الثقافة ومبادر منصة هُنا الجنوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى