كونشيرتو بن شتوان لا يستحضر في صقلية سونتاغ وأجدابيا فحسب
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
تحمل الكاتبة الروائية والأكاديمية الليبية د. نجوى بن شتوان بصدق المنطقة العربية مسؤولية عدم إلمام شعوبها بالأدب اللليبي وعدم شهرة الكتاب الليبيين، وبن شتوان من مواليد أجدابيا، ليبيا، عام 1970. كانت أول كاتبة ليبية تصل إلى القائمة القصيرة للجائزة عن روايتها “زراييب العبيد” (2016) في العام 2017. صدرت لها ثلاث روايات أخرى، هي: “وبر الأحصنة” (2007)، “مضمون برتقالي” (2008)، و”كونشيرتو قورينا إدواردو” (2022). تم اختيارها ضمن أفضل 39 كاتبا عربيا تحت سن الأربعين في مشروع بيروت 39 الذي نظمه مهرجان هاي، وأدرجت قصتها “من سيرة البركة والبيانو” في أنطولوجيا “بيروت 39”. فازت بزمالة بانيبال للكتابة الإبداعية سنة 2018، وترشحت إلى القائمة الطويلة لجائزة الملتقى للقصة العربية سنة 2019 بمجموعتها القصصية “صدفة جارية” (2019). كما فازت مجموعتها القصصية “كتالوج حياة خاصة” (2018) بجائزة مجلس الفنون في إنجلترا سنة 2019. وعن طقوس الكتابة الخاصة بالروائية، تقول “إذا كان مزاجي جيداً يرافقني الراديو الإيطالي، إذا كان مزاجي معطوباً أكتب في صمت. في جنوب إيطاليا أكتب أمام الكوخ، في روما أكتب بجوار النافذة، لا أكتب في المقاهي أو المكتبات أو الأماكن العامة ولا أقرأ كذلك”.
وصلت روايتها ” زرايب العبيد ” لقائمة البوكر القصيرة في 2017 حيث تحترق فيها زرايب العبيد، فينكشف كل ما كان خفيّا. تجمع بين السيد محمد والعبدة تعويضة علاقة حب تُعدّ محرمة في عُرف السادة الذين اعتادوا اتخاذ العبدات خليلات. فيرسل الوالد ابنه في تجارة لإبعاده، وتسقي الأم تعويضة سائلا في محاولة لإجهاض جنينها، ثم يتم تزويجها بأحد العبيد. عند عودة محمد من رحلته يعلم أن أهله قد قتلوا ابنه وأرسلوا حبيبته إلى حيث لا يدري، فيبدأ البحث عنها. “زرايب العبيد” ترفع الغطاء عن المسكوت عنه من تاريخ العبودية في ليبيا، ذلك التاريخ الأسود الذي ما زالت آثاره ماثلة حتى يومنا الراهن.
أما روايتها “كونشيرتو قورينا إدواردو” فإنها تسرد قصة فتاة ليبية ونشأتها في ليبيا، وتأثير السياسة والحرب على حياتها وأسرتها. تنتمي البطلة إلى عائلة من أصول يونانية وهم أقلية عرقية ليبية لديهم ثقافتهم الخاصة والمتميزة داخل المجتمع الليبي متعدد الأعراق. من منظور البطلة، نرى المجتمع الليبي وتبدلاته منذ سنوات سبعينيات القرن الماضي وصولاً إلى الثورة التي أسقطت القذافي سنة 2011 والحرب الأهلية سنة 2014. تصف الرواية مقتل الأب خلال فترة ما يُعرف بالثورة الثقافية في ليبيا، وتأميم مصنع العائلة وانعكاس التغير الاقتصادي الكبير الذي حدث على حياة الأسرة وأفرادها. تعرج الرواية على عدة مواضيع، منها يهود ليبيا وقصة خروجهم أو طردهم سنوات الستينيات؛ الحرب الأهلية وانعكاساتها على النسيج الاجتماعي؛ تهريب الآثار والعبث بالإرث التاريخي لليبيا؛ والتلاقح الثقافي والعرقي بين شعوب البحر الأبيض المتوسط.
ترسم الرواية ترسم بانوراما التحولات التي عرفتها ليبيا منذ الثورة التي شهدت في السنوات الثلاث الأخيرة تراجع المواجهات المباشرة، ولكن المواجهات السياسية من أجل السيطرة على الحكومة والوصول إلى موارد الدولة لا تزال متواصلة، الأمر الذي يثير مخاوف العديد من الليبيين من عودة الصراع. ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف عام يرأسها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة. أما الحكومة الثانية فهي برئاسة فتحي باشاغا عينها البرلمان ومنحها ثقته وتتخذ من سرت مقرا مؤقتا لها بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك. وعن مشروعها الأدبي بعد هذه الرواية؟ كتابة الجزء الثالث لثلاثية روما تيرمني وكونشيرتو قورينا إدواردو.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع في حقول الثقافة ومبادر منصة هُنا الجنوب