هل نسي يهود الجزائر جرائم فرنسا الاستعمارية واعداماتها الجماعية؟

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف

اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 2017 لقناة جزائرية أثناء زيارته للجزائر “ان الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي. إنه جريمة، جريمة ضد الإنسانية”، وقال ماكرون في حينه لقناة الشروق الخاصة “إن الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي. إنه جريمة، جريمة ضد الإنسانية، إنه وحشية حقيقية وهو جزء من هذا الماضي الذي يجب أن نواجهه بتقديم الاعتذار لمن ارتكبنا بحقهم هذه الممارسات”. واستعمرت فرنسا الجزائر منذ 1830 وحتى سنة 1962 عندما نالت استقلالها، بعد حرب تحرير استمرت ثماني سنوات لا تزال تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين. وأما المنفى الأول الذي عاشه يهود جزائر المغرب العربي الكبير كان في العام 1870 عندما سلخ الاستعمار الفرنسي يهود الجزائر من هويتهم العربية الجزائرية بجعلهم رعايا فرنسا داخل الجزائر، أما المنفى الثاني في 1940 ابان حكومة فيشي التي قامت بإلغاء المرسوم الأول الصادر في 1970 وجعلت يهود اليهود يهيمون على وجوههم مجددا. لكن هذا الأمر كان دوما هكذا؟

خلال فترة استعمار فرنسا لعدة قارات، بما في ذلك أفريقيا وآسيا وأميركا الشمالية، ارتكبت جرائم عديدة ضد السكان الأصليين والمجتمعات المحلية. وقد اتجه الاستعمار الفرنسي خلال القرن التاسع عشر بشكل خاص إلى إرساء الهيمنة الاقتصادية والثقافية والسياسية على المناطق التي احتلتها، وعبر ذلك، ارتكبت العديد من الجرائم التي لا تزال تؤثر على هذه المناطق حتى اليوم، ومن بين الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي، تشمل الإبادة الجماعية في الجزائر، حيث قام الاستعمار الفرنسي بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الشعب الجزائري في الفترة بين عامي 1954 و1962. وقد أدت هذه الجريمة إلى مقتل حوالي 1.5 مليون شخص.

إضافة الى انتهاج العنصرية، فقد عانت المجتمعات الأصلية في العديد من المناطق التي احتلها الاستعمار الفرنسي من التمييز والعنصرية، وقد تسببت هذه السياسات في تدمير الثقافات المحلية وتقويض تطور هذه المجتمعات. الى جانب استخدم الاستعمار الفرنسي العديد من المجتمعات المحلية كعبيد في العمليات الاستغلالية المختلفة، بما في ذلك في مناجم الذهب والفضة والماس. وبالتزامن مع ذلك تعرضت النساء المحليات في العديد من المناطق التي احتلها الاستعمار الفرنسي للاغتصاب والتحرش الجنسي والتعذيب. وليس انتهاء بارتكاب عمليات الإعدام الجماعية.

كتاب “ألف سنة من المنفى في المغرب: اليهود تحت الحكم الإسلامي – مصادر ووثائق (1912-997)” الصادر عن منشورات جامعة بار ايلان للعام 2022 والواقع في 401 صفحة، وهو جهد بحث مشترك جمع كل من الراحل دافيد ليتمان (2012-1933) الذي كان مؤرخا بريطانيا الذي نشر العديد من المقالات عن يهود المغرب والشرق وبحث في أرشيفات جمعية “جميع أصدقاء إسرائيل”. ابتداء من عام 1986، كرس نفسه للنضال على المستوى الأممي كممثل للعديد من المنظمات غير الحكومية أمام مؤسسات الأمم المتحدة في جنيف. الى جانب البروفيسور يوسف يانون فينتون، الباحث في الثقافة اليهودية في الدول الإسلامية، الذي درس في جامعة ستراسبورغ وجامعة القديس يوسف في بيروت والسوربون في باريس، وكان نائب رئيس قسم الدراسات العربية والعبرية في جامعة السوربون. وصدر كتابه “اضطرابات في فاس” في إسرائيل عام 2012.

يصف “ألف سنة من المنفى في المغرب” لقاء يهود شمال إفريقيا كأقلية تحت الحكم الإسلامي، وتاريخهم بين اليهودية والإسلام، مع سقوط الأندلس وطرد اليهود من شبه الجزيرة الإيبيرية واستقرارهم لاحقا في الجزائر والمغرب. يقدم هذا الكتاب فهما جديدا لوضع اليهود تحت الهلال الاسلامي. الكتاب عبارة عن مجموعة من الوثائق التاريخية على مدى ألف عام تقريبا – من العصور الوسطى إلى الاستعمار الفرنسي-. وتوثق هذه المجموعة الواقع التاريخي للوضع الاجتماعي والقانوني لليهود الذين عاشوا في البلدان الإسلامية في شمال إفريقيا – خاصة الجزائر والمغرب-. الشهادات مأخوذة من مصادر أدبية وأرشيفات، ومعظمها يرى النور هُنا باللغة العبرية لأول مرة.

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع في حقول الثقافة ومبادر منصة هُنا الجنوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى