ما علاقة مرارة الشاي الحادة في هزيمة الرايخ الثالث

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف

يلقي حكم الرايخ الثالث بظلاله على القارة العجوز مع حلول حزيران/يونيو 1942. وانطلاقا من هذا اليأس الواضح للعيان، وضع ونستون تشرشل ورئيس أركانه للدفاع خطة استثنائية التي تمثلت بإنشاء وحدة كوماندوز جديدة تتكون من لاجئين يهود فروا إلى المملكة المتحدة. المتطوعون هم أشخاص من خلفيات متنوعة. مثقفون وفنانون ورياضيون، معظمهم من ألمانيا والنمسا. في إنجلترا، قُبض على العديد منهم لكونهم “أجانب من دول معادية”، الذين فقدوا أسرهم ومنازلهم، وكل شيء عمليا. وانهم على استعداد لأن يفعلوا كل ما في وسعهم لهزيمة النازيين. خضع أعضاء الوحدة للتدريب على القتال والتجسس المضاد، وتعرف وحدتهم باسم فيلق اكس، والبعض يسميها ببساطة “الوحدة الانتحارية”.

تعتمد أ.د. ليا غاريت (57 عاما) المحاضرة ومديرة مركز الدراسات اليهودية في كلية هانتر بجامعة مدينة نيويورك، ورئيسة برنامج دراسة العلوم العبرية واليهودية، كما انها هي أيضا أستاذة فخرية بجامعة وارويك بإنجلترا. في كتابها الخامس على بحث معمق، يتضمن مقابلات مع آخر أفراد الوحدة الناجين، كما تتبع مجموعة المقاتلين في طريقهم من ألمانيا إلى إنجلترا والعودة وهو طريق يمر عبر المعسكرات البريطانية، وشواطئ نورماندي، وساحات القتال في إيطاليا وهولندا، وكوابيس معسكر الاعتقال تيريزينشتات، الموقع الذي حدثت فيه مجريات إحدى قصص الإنقاذ الأكثر تعقيدا للحرب. تكشف الوحدة اكس لأول مرة عن القصة المذهلة للمقاتلين والضربات الحاسمة التي أصابت القيادة النازية.

يلقي كتاب “الوحدة اكس: الكوماندوز اليهودي السرية في الحرب العالمية الثانية” الصادر في 2021 الذي يقع في 368 صفحة، الضوء على النواة المؤسسة للجيش الإسرائيلي الذي خرج من هذه الوحدة فائقة التدريب التي تعرضت لأشد أنواع الاختبارات. وتعرف أيضا باسم الكتيبة البريطانية الخاصة، الوحدة السرية من القوات الخاصة اليهودية التي تم تشكيلها خلال الحرب العالمية الثانية، لتنفيذ عمليات خاصة خلف خطوط العدو في أوروبا وشمال أفريقيا.

كانت الفكرة وراء تشكيل الوحدة تحقيق غايات سياسية وعسكرية تنبهت اليها لندن جيدا، وذلك لأن الحكومة البريطانية كانت تحاول جذب اليهود المنتشرين في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى صفوفها في مواجهة النازية. وفي الواقع، مثلت الوحدة تحديا للأفكار النمطية عن اليهود، إذ تألفت من جنود يهود أثبتوا أنهم يستطيعون أن يكونوا مقاتلين شجعان ويمارسون عمليات خاصة مثل أي جنود آخرين.

على سبيل المثال، كانت الدعاية النازية تقوم بتصوير اليهود على أنهم شعب “غير نظيف”، وأنهم ينشرون الأمراض والجراثيم، وأنهم يمثلون خطرا على الصحة العامة. كما قامت الدعاية النازية بإيجاد أوهام وأكاذيب حول اليهود، مثل الزعم بأن اليهود يروجون للكذب والخداع، وأنهم يرفضون الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها، وأنهم يسعون إلى تحقيق مآربهم الشخصية على حساب المجتمعات الأخرى، ويمكن القول إن الدعاية النازية قد نجحت في إقناع العديد من الألمان بالفكرة النمطية السلبية عن اليهود.

كما استخدمت الدعاية النازية الوزير النازي جوزيف جوبلز لنشر هذه الأفكار عبر وسائل الإعلام لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك الصحف والمجلات والأفلام والإذاعة. وركز جوبلز في دعايته على المصطلحات والألفاظ العنصرية والمنحازة، كما كان يستخدم التشويه والتحريض العنصري ضد اليهود لتعزيز الفكرة النمطية السلبية عنهم، واشتهر جوبلز بتعبيره الشهير “الصحافة هي سلاح أقوى من السيف”، وركز بشكل مكثف لترويج أفكار النازية وتعزيز الفكرة النمطية السلبية عن اليهود. كما قام جوبلز بتأسيس صحف ومجلات نازية جديدة، وتوظيف الصحفيين الذين يتحدثون بصوت واحد مع النظام النازي لترويج الرسائل العنصرية.

تلقت الوحدة التدريب الصارم في مجال العمليات الخاصة، بما في ذلك التخريب والاغتيال وجمع المعلومات. كما تم تعليم الجنود التحدث بالألمانية بطلاقة واستخدام الأسلحة والمتفجرات. وكانت الوحدة مؤهلة للعمل في بيئات متنوعة وتستخدم تكتيكات متنوعة للوصول إلى أهدافها. بعد انتهاء الحرب، تم تفكيك الكتيبة في 1946، ولكن تركت وحدة صغيرة من المقاتلين اليهود في الجيش البريطاني، وقد شكلت هذه الوحدة النواة الأولى للجيش الإسرائيلي الذي تأسس في عام 1948.

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع في حقول الثقافة ومبادر منصة هُنا الجنوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى