الشهد علقما والاعدام الميداني تحييدا.. عودة إلى دراسات الذاكرة
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
يرى الدكتور زهير سوكاح، وهو كاتب وباحث مغربي، حاصل على درجة الدكتوراه في اللغة الألمانية وآدابها ومحاضر في جامعة دوسلدورف بأن القصور العربي يبدو جليا في حقل دراسات الذاكرة في العلوم التاريخية والاجتماعية والأدبية امام الحضور الغربي الغزير، ويعزو ذلك الى جملة أسباب أجملها في كتابه بعنوان “مدخل إلى دراسات الذاكرة في العلوم الإنسانية والاجتماعية”، الصادر عن في 2021 عن منشورات مدارج الجزائرية وهو يمثّل أول مرجع عربي يتناول حقل دراسات الذاكرة، وهو حقل معرفي يتصدى لفهم كيفية بناء المجتمعات لتصورات حول ماضيها. ومن مميّزات هذا الحقل التي يبرزها المؤلف في كتابه أنه أعاد الترابط بين مختلف المجالات المعرفية، من التاريخ إلى الفلسفة، حيث تتداخل في دراسات الذاكرة مناهج علوم كثيرة في سبيل فهم عمليات تركيب وإعادة بناء الماضي الجماعي المشترك.
لا يبدو ان الاهتمام العربي سيشهد تناميا كبيرا في هذا الحقل قريبا على الاقل الى جانب الجهد الكبير الذي يبذله الدكتور سوكاح خصوصا تحريره ملفا خاصا ضمن منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات العدد الثالث والثلاثون من الدورية المحكّمة “تبيُّن للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية”. واشتمل العدد على ملف خاص سلط الضوء على الذاكرة ودراساتها من منظور عابر للتخصّصات.
يرصد “ذاكرة، ممتلكات، وتمثلات” الكتاب المشترك من تحرير أ.د. عيدنا لومسكي-فيدر و أ.د. نعمة شيفي وهو صادر عن منشورات “بارديس: بيارة” لشهر أيار/مايو 2023 ويقع في 406 صفحة أسباب الاهتمام الإسرائيلي بهذا الحقل الآخذ بالشيوع ضمن الدراسات التاريخية التي تعيد كتابة وإعادة صياغة لنفس القصص الجماعية التي توحد الجماعات الاثنية والعرقية التي تتألف منها الفسيفساء العبرية.
يقترح الكتاب الذي تم تأليفه وتحريره حصرا من قبل الباحثات العبريات دون الاعتماد الى أي نص لكاتب من جنس ذكر بالنظر الى دراسات الذاكرة من نظرة نسائية “خالصة”، الا ان هذه النظرة سقطت في اول امتحاناتها عندما طرحت موضوع النكبة الفلسطينية بشرط ان تكون مؤلفة هذه المادة باحثة إسرائيلية وليست فلسطينية، بغض النظر عن آرائها السياسية.
كما يقدم الكتاب منظورا جديدا للذاكرة وتمثيلاتها المادية والمرئية في السياق المحلي، اعتمادا على الأدبيات الغربية التي اغنت مكتبة العلوم ودراسات الذاكرة التي تدرس عمليات تصميم الذاكرة من منظور ثقافي، وعلى النظريات التي تتعامل مع الثقافة المرئية بتركيز نقدي وعلى الأدب الأنثروبولوجي الذي يدرس الثقافة المادية كجزء مما يُعرف باسم “التحول المادي”.
ترتكز الدراسات على عوالم المحتوى وتحليلها من مواقع متنوعة من الذاكرة (الذاكرة المتجسدة في الجسد جنبًا إلى جنب مع الذكريات الممثلة في الصحافة وأدب الأطفال والفنون البصرية والخرائط والطوابع). تذكر الباحثات الاسرائيليات مواضيع من مجموعات اجتماعية مختلفة (بما في ذلك النساء المتدينات واللاجئات من إريتريا والمهاجرات من دول الكومنولث وحفيدات الجيل الثاني من الهولوكوست وأيتام معارك اسرائيل). والمشاركة في تقنيات الذاكرة المختلفة (مثل التصوير الفوتوغرافي والرسم والنحت ورسم الخرائط الرقمية). ونجد بان التنوع وثراء مجموعة الباحثات يعيد النظر في العلاقات المتبادلة المستمرة بين بناء ذكريات الهيمنة الذكورية ونمو الذكريات النسوية المضادة في المجتمع الإسرائيلي.
الصورة من شاطئ بحر غزة، بعنوان “صباح الكادحين الباحثين عن لقمة العيش”، بعدسة محمد زرندح.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع ثقافة في حقل إنتاج المعرفة، ومبادر منصة هُنا الجنوب