طبولنا عشية انتخابات السلطات المحلية (٢)
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
الطبلة أداة ايقاعية قديمة كقدم البشر، منها المفردة والمزدوجة، ومن تقرع باليد أو باستخدام المطارق، ومنها عصرية الالكترونية تأتيك بالصنوج على الايقاع الشرقي والغربي او كلاهما معا، تستخرج من ذات المخازن لاستخدامها في المواسم والمناسبات والانتخابات وتعود ادراجها تباعا للموسم الذي يليه. كالعادة في موسم الانتخابات يشيع استخدام ايقاعات الطبل في الترويج لبرنامج هذه القائمة أو ذاك المرشح، وينتهي قرعها بخروج النتائج ليعود كل منا إلى عمله كما لو اننا لم نعيش فترة حبس الانفاس المختلطة بالسعادة والحزن ربما في سبيل تقدم أو تراجع من نطبل لأجله ليل نهار. هذه العادة المجبولة في نفس البشر تصاحب الاعياد والاعراس ولا تخلو بداية حرب القبائل العثمانية في المسلسلات التراثية من قرع الطبوع التي تؤذن بالحرب او التي تجلب الاخبار التي لا تحمل بالضرورة الانباء السارة. بمعنى ان كثرة قرع الطبول لا تعني بالضرورة الاخبار السعيدة. التطبيل، ممارسة انسانية يستخدمها الغرب قبل الشرق، والعرب والعجم معا، ويتفنن في اصنافه وفنونه والوانه ومذاهبه كل شعوب المعمورة. منه ما هو مطرب للآذان ومنه ما هو دون ذلك. تختلط في حالتها الحزن والشوق والحنين رغم ان الالة نفسها مجوفة وهذا التجويف ما يحمل الفرح والترح.
مع تكرار جولات الانتخابات المحلية والقطرية هناك من نطرب لسماع قرعه بالدف او الصنوج المزدوجة وهناك من لا يؤدي حقه الديمقراطي متنازلا عنه من اجل فسحة في احضان الطبيعة هو وعياله بعيدا عن هذه الضوضاء التي لا يرى فيها اي امتاع او مؤانسة مع انه من أكثر الناس التزاما بالقوانين في دفع جميع فواتيره أولا بأول ولا يجعل لأي موظف بلدي ان يعتب عليه باي نظرة عتاب مهما كانت الا انهم يجدون في الوظائف العامة عبئا ثقيلا يجتنبوه قدر الامكان ويكتفون بمصالحهم الشخصية او العمل كأجير، راض بقسمته متوكلا عليه سبحانه وتعالى في صلاحه وأهل بيته.
لكن، هل خدمة الجمهور منوطة بالعمل البلدي على أهميته وحدها فقط؟ لا ترى مجالسنا المحلية في صحراء النقب في مؤسسات المجتمع المدني أهمية تذكر علما بأنها الذراع اليمنى للأداء الحكومي على مستوى العالم، ولا توجد وزارة مهما كبر حجمها أو صغر دون مساهمة القطاع التطوعي ضمن العمل الاجتماعي دون مقابل مادي لصالح المجتمع وتحسين ظروفه وتعزيز سبل التعاون داخل البلد بغية تحقيق التنمية المستدامة، ومن يقف خلف تلك المؤسسات أشخاص أصحاب خبرة طويلة في الخدمة العامة لا يرون الوصول إلى مناصب قيادية في المجلس البلدي بالضرورة الاداة الوحيدة للخدمة العامة، يعملون على اصلاح واقعهم ولا ينتظرون موعد الانتخابات من أجل التحرك.
هل يعمل المجتمع المدني بدون استخدام الطبلة والدف؟ بالطبع لا، لكنهم لا يرون المجلس المحلي وحده الدرب الوحيد في تقدم المجتمع قدما. من المخطئ ومن على صواب؟ ولماذا يقتصر السباق المحموم على انتخابات السلطات المحلية واهمال الانتخابات البرلمانية كما لو انها مناسبة هامشية لا تؤثر على مسار حياتنا مع ان سن القوانين الاكثر اجحافا وتضييقا على المجتمع العربي خرجت من الكنيست وليس المجالس المحلية؟ مجرد طرح التساؤل في المجال العام ينذر بتغير المشهد، هل هو للأحسن. كلنا أمل.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع ثقافة في حقل إنتاج المعرفة، ومبادر منصة هُنا الجنوب