اللجوء السوري في الأردن: تحديات الواقع وآفاق المستقبل وسط الجمود السياسي
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
مع دخول أزمة اللجوء السوري عامها الرابع عشر، تواجه المملكة الأردنية الهاشمية تحديات متزايدة تتعلق بإيواء ودعم ملايين اللاجئين السوريين الذين فروا من الصراع المستمر في وطنهم. في هذا السياق، يبرز بروفيسور عليان القريناوي عميد كلية العلوم الإنسانية في جامعة ألغوما – أونتاريو، كندا. كأحد الخبراء العالميين الذين يتناولون هذه الأزمة بعمق، محاولا كشف النقاب عن التحديات الخفية والمعقدة التي تواجه اللاجئين والمجتمع المضيف على حد سواء، وذلك في كتابه الجديد بعنوان “اللاجئون السوريون في الأردن والصحة النفسية”.
يصدر الكتاب عن دار النشر العريقة “بريل”، التي تتركز منشوراتها على العلوم الإنسانية والاجتماعية، والقانون الدولي، والمجالات المختارة في العلوم، كما تشمل منشورات الدار التي تأسست عام 1683 ومقرها الرئيسي في هولندا، مع فروع في ألمانيا والنمسا والولايات المتحدة وآسيا، عدة أطروحات كبرى تتمتع بتاريخ متميز في نشر عناوين عالية الجودة والنجاح، وتنشر أكثر من 2000 كتاب وأعمال مرجعية سنويًا. كما تقدم بريل أيضًا أعمال مرجعية ومواد مصادر أولية، بما في ذلك منشورات مرموقة مثل موسوعة الإسلام والمخطوطات الشرقية، وكتالوجات الفنون المطبوعة، وتقارير حقوق الإنسان المعاصرة.
يشير أ.د. القريناوي إلى أن أحد أبرز التحديات التي يواجهها الأردن إضافة للعبء الاقتصادي الناتج عن تدفق اللاجئين، هو التحدي النفسي. فقد أثر هذا التدفق الكبير على البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، مما أدى إلى زيادة الطلب عليها وتفاقم الضغوط على الموارد المحدودة. بالإضافة إلى ذلك، ساهم وجود اللاجئين في ارتفاع معدلات البطالة، حيث يتنافس اللاجئون مع المواطنين الأردنيين على فرص العمل، وخاصة في القطاع غير الرسمي.
يعرض البروفيسور القريناوي في كتابه الريادي الجديد دراسة شاملة لحياة اللاجئين السوريين في الأردن، بما في ذلك أسرهم، مع تزويد المتخصصين في الصحة العقلية بالمهارات الضرورية للتدخل الفعّال مع هذه الفئة الهشة من السكان. يميز هذا العمل تركيزه على التحديات الفريدة التي تنشأ من العلاقات بين السكان المحليين في الأردن واللاجئين السوريين، ويقدم استراتيجيات لممارسي الصحة العقلية للتغلب على هذه التعقيدات. يسلط الضوء أيضًا على الصعوبات التي يواجهونها في ممارساتهم ويقدم رؤى قيمة حول كيفية تجاوز هذه التحديات بفعالية.
لا يغفل الباحث كذلك التعرض للصدمات النفسية جراء الحرب والنزوح، مما أثر على صحتهم وتحصيلهم الدراسي وخاصة لدى الأطفال. ويشدد على ضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهؤلاء اللاجئين لتحسين جودة حياتهم وضمان دمجهم بشكل فعال في المجتمع. كما يتطرق إلى التحديات البيئية التي تفاقمت بفعل أزمة اللجوء. إذ أن الزيادة السكانية الكبيرة أدت إلى استنزاف الموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة، وأثرت سلبًا على البيئة المحلية. ويشير إلى أهمية تبني استراتيجيات تنموية مستدامة للتخفيف من هذه الآثار البيئية.
يقترح أ.د. القريناوي وهو أكاديمي وخبير عالمي شهير شغل العديد من الأدوار القيادية في جامعات مختلفة حول العالم، كما يشغل حاليًا منصب عميد وأستاذ كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والدراسات عبر الثقافات في جامعة ألغوما في أونتاريو، عدة حلول للتعامل مع هذه التحديات المتعددة. أولاً، يؤكد على أهمية التعاون الدولي في توفير الدعم المالي والفني للأردن لمواجهة العبء الاقتصادي. ثانياً، يدعو إلى تعزيز برامج الدعم النفسي والاجتماعي للاجئين، خاصة الأطفال منهم، لضمان إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع. ثالثاً، يشدد على ضرورة تطوير سياسات تعليمية تتيح للاجئين فرصًا تعليمية مناسبة، بما يساهم في تحسين مستقبلهم ومستقبل المجتمع الأردني.
يأتي كتاب أ.د. عليان القريناوي الجديد في سياق الدعوة المتكررة من قبل وكالات الأمم المتحدة، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والهيئات الدولية الداعمة، والدول المانحة، لدعم الدول المضيفة للاجئين السوريين. وغالبا ما يكون اليأس هو الشعور السائد عند الحديث عن المساعدات الإنمائية والاستثمارات المطلوبة لتمكين المجتمعات المحلية من استضافة اللاجئين وتوفير الخدمات لهم.