توظيف التراث الاغريقي في بناء جسور إسرائيلية للتفاهم بين الشعوب
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
هل من شأن انشاء عقد اجتماعي جديد تعتمده المجتمعات أن يمكن الشباب من العيش بكرامة، وأن يضمن للنساء الآفاق والفرص نفسها التي يتمتع بها الرجال، وأن يحمي المرضى والضعفاء والأقليات من جميع المشارب؟ لو سألتم ذلك أنطونيو غوتيريش الأمين العام التاسع للأمم المتحدة، فان اجابته ستكون نعم بالتأكيد، وهذا ما طرحه فعلا بمناسبة تكريم نيلسون مانديلا. لكن ماذا عن الكتاب الرابع للدكتورة ليلي (ليلاخ) نتنيئيل “أعمال وأيام” الذي تصده في جيل 43 عاما؟ التي درست الآداب الفرنسية في جامعة باريس الثامنة، وتحاضر في قسم الآدب اليهودية في جامعة بار ايلان وتبحث في دراسات الأدب بلغة الايدش والعبري.
يتناول كتاب “أعمال وأيام” لمؤلفته ليلي (ليلاخ) نتنيئيل العلاقة بين أب وابنته، وهما شركاء في مكتب هندسة معمارية، وأحد عملائهم الذي ينجح بطمس الخط الفاصل بين العائلة والعمل. وعلى عادة الكاتبة التي تؤلف بلغة مختلفة وزمن آخر وفي ضوء مغاير لما يشهده الابداع العبري لذلك لم تفلح حتى اليوم بنشر احدى كتبها في دور النشر التجارية الكبرى، ترسل القارئ إلى احدى أقدم الأعمال البارزة لدى الثقافة الغربية، وهي الملحمة الشعرية الشهيرة الخاصة بالشاعر الاغريقي هسيودوس الشهير أحد معاصري هوميروس، اذ لا تنتهي قصيدته عند فتح صندوق باندورا وانفلات الشرور منه بل تتخذ نفس العنوان لروايتها حيث تتعامل مع القواعد الأساسية التي يتكون منها الوجود: المنزل، والأسرة، والعلاقات الشخصية بين الأجيال.
لا تركز رواية “أعمال وأيام” على حبكة ملحمية كبيرة واحدة، انما تسخر الخلفية الشعرية المتاحة في البنية، والإيقاع، ووسائل التعبير، وإيصال الحوار، ليلامس القوى التي تنطلق من الأسفل الى الاعلى. وتنشيط الروابط بين الآباء والأبناء، وبين الأشخاص الذين يقفون في طريق بعضهم البعض في المشاغل اليومية المزدحمة والمربكة، وبحسب الأساطير الإغريقية، فإن باندورا هي المرأة الأولى على وجه الأرض، وجاء ذكرها في قصيدة “أعمال وأيام”، للشاعر هسيودوس في القرن السابع قبل الميلاد، وهو نفس العنوان الذي اختارته د. ليلي عنوانا لروايتها. وتعني كلمة “باندورا” باليونانية القديمة و”صاحبة العطايا”، لأنها منحت كهدية من الإله زيوس إلى الإنسان، يمكن النظر الى باندورا عند اليونانيين القدماء، انها حواء زوجة لدى المعتقدات اليهودية والمسيحية والإسلامية.
يذكر ان رواية “أعمال وأيام” تمكنت من الانضمام الى القائمة الطويلة في جائزة “سابير” الأدبية المقدمة مفعال هبايس للعام 2022. وتأسست الجائزة الأدبية في العام 2000 بهدف تشجيع الأدب العبري وتعزيز القراءة، وهي تنظم للسنة الـ 22 على التوالي، هذا العام تم تعديل قيمة الجوائز وأضيفت إليها 200 ألف شيكل ستمنح للفائزين في الفئات المختلفة. يحصل كل واحد من كتاب القائمة الطويلة على هبة بقيمة 30 ألف شيكل، فيما يحصل الكُتاب الخمسة الذين انضموا الى القائمة القصيرة على هبة قيمتها 60 ألف شيكل. وللمرشحين في “القائمة المختصرة للإصدار الأول” ستمنح جائزة قدرها 30 ألف شيكل لكل واحد من بينهم فيما سيحصل الفائز في مسار الإصدار الأول، الذي سيتم اختياره من القائمة المختصرة، على جائزة نقدية قيمتها 75 ألف شيكل. أما الفائز بجائزة “سابير” الأدبية المقدمة من مفعال هبايس للعام 2022 سيحصل على هبة قيمتها 180 ألف شيكل وسيترجم كتابه ونشره باللغة العربية ولغة أجنبية أخرى يختارها. بالإضافة إلى ذلك، سيقتني مفعال هبايس 500 نسخة من كتب المؤلفين الخمسة الذين تم اختيارهم للقائمة القصيرة، لتقدم كهدية للمكتبات العامة في جميع أنحاء البلاد.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، باحث دراسات ثقافية ومبادر منصة هُنا الجنوب