شمالية شرقية والسحب الرعدية الممطرة على جزء الإبادة الغربي

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف

تعد أحدث روايات “إبادة” الصادرة في 2022 للكاتب الفرنسي المثير للجدل ميشيل ويلبيك (66 عاما) الأقرب من القراء التي قلل فيها من حدة الكراهية والتعاطف مع الجنس البشري، وهي الطريقة التي لم يعتمدها الكاتب من قبل في رواياته السبع السابقة التي لاقت جدلا كبيرا فور طرحها في المكتبات. الا انه ما يثير للاهتمام هو سبب النشر بهذه اللغة “اللطيفة” من قبل كاتب اقترن اسمه بالسوداوية وكراهية الأغيار علما بانه تمكن كعادة بإثارة الاحتجاج في فرنسا بسبب روايته “الخضوع” الصادرة في 2015 التي يتخيل فيها فوز رئيس مسلم بانتخابات الرئاسة الفرنسية خلال العام 2022 الذي تمكن من الاطاحة بمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن. ويدعى بحسب الرواية “محمد بن عباس”، الرئيس الخامس والعشرين للجمهورية الفرنسية، ويعمل عباس على أسلمة فرنسا إلى حد فرض الحجاب على النساء، والسماح بتعدد الزوجات ومنع النساء عن العمل، هل لأن اسمه طرح للفوز بحائزة نوبل للآداب؟ علما بانه حاز في العام 2010 على جائزة غونكور أعرق المكافآت الأدبية في الأوساط الفرنكوفونية عن روايته الخريطة والأرض، وتعطي جائزة غونكور دفعا تجاريا كبيرا لدور النشر، إذ أن الكتاب الفائز بهذا التكريم يباع بأكثر من 345 ألف نسخة في المعدل.

تعد رواية “إبادة” ضمن الأحداث الأدبية الأبرز داخل فرنسا وهي الثامنة للكاتب الفرنسي، الذي يقرض الشعر ويعمل في الساحة السينمائية والمشهور بأسلوبه الفظ الذي يكتب بصورة اباحية مباشرة خصوصا الأحداث المتعلقة بفظاعات العنف، وهو من الأكثر سخرية لثقافة الترفيه والهيبيز المناهضة للقيم الرأسمالية، يكتب كذلك ويلبيك أيضا ضد النسوية والإسلام والإنسانية والديمقراطية، سبب له هذا الأسلوب انتقادات شديدة. ومع ذلك، فإن كتبه تحظى بشعبية كبيرة وترجمت إلى العديد من اللغات. ومما جاء في مقدمة رواية إبادة “هناك الكثير من الحديث المعسول عن التضامن وعن القيم الاسرية، لكن كما تعلم، يموت الكبار عادة بمفردهم. إذا كانوا مطلقين أو لم يتزوجوا قط، لم يسبق لهم أن أنجبوا أطفالا أو لم يعودوا على اتصال بهم. لم يعد التقدم في السن بمفرده متعة كبيرة، لكن الموت وحده هو أسوأ شيء على الإطلاق”.

وتدور طاحونة رواية “الإبادة” على خلفية مؤامرة إرهابية عالمية وانتخابات رئاسية فرنسية، ينسج فيها ويلبيك حبكة حميمة وعائلية مؤثرة، لم نعرف مثلها في كتبه من قبل. وذلك خلال حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية الخيالية لعام 2027 على خلفية الهجمات الإلكترونية الغامضة، والتي تشمل، مقطع فيديو يُظهر قطع رأس وزير المالية باستخدام مقصلة، وتعطيل غامض في شركة تتعامل مع بيع الحيوانات المنوية وصاروخ طوربيد يدمر سفينة تجارية وفي هجوم آخر يقتل حتى مئات المهاجرين في وسط البحر. يقدم لنا كاتب الاغتراب الغربي أسلوبا ما بعد حداثي الذي يسلط فيه الضوء على افق جديد من النسيج الدرامي، التي يكشف فيه شخصياته تدريجيا، فضلا عن إنسانيتهم ​​الخاصة. بلغته الجريئة والساخرة، يخبرنا عن نهاية الحياة، عن الشيخوخة والمرض، ولكن أيضا عن الخلاص من خلال الحب والعاطفة.

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، باحث دراسات ثقافية ومبادر منصة هُنا الجنوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى