إعادة الأرض مقابل التموضع الاستراتيجي: محادثات سرية إسرائيلية سورية
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
إنهاء دمشق دعم الحركات والمنظمات المعادية والنأي بنفسها عن إيران – كان بنيامين نتنياهو وبشار الأسد على وشك توقيع اتفاقية سلام، هذا ما كشفه المبعوث الأميركي الأسبق لمفاوضات السلام السورية – الإسرائيلية فريد هوف في كتابه الصادر في 2022 بعنوان “بلوغ المرتفعات: قصة محاولة سرية لعقد سلام سوري – إسرائيلي”، اذ انه خلال العام 2009، إلى جانب محاولة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما تجديد عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، تم تكليف المسؤول العسكري السابق فريدريك هوف بمحاولة إحياء المفاوضات الإسرائيلية السورية. ووصف فيها هوف لقاءاته الناجحة مع الأسد ونتنياهو ان ذلك كان وشيكا.
هذا الكتاب المهم والملفت للنظر هو رواية من الداخل عن مفاوضات سرية للتوسط في صفقة سلام بين سوريا وإسرائيل – وهي مفاوضات اقتربت بشكل مثير من النجاح. السفير فريدريك هوف، الذي قاد المناقشات بوساطة الولايات المتحدة، يأخذ القراء وراء الكواليس في الولايات المتحدة وسوريا وإسرائيل، حيث اتجه الرئيس الأسد ورئيس الوزراء نتنياهو نحو صفقة لإعادة المناطق التي تحتلها إسرائيل من مرتفعات الجولان. مقابل قطع سوريا علاقاتها العسكرية مع إيران وحزب الله وحماس. تقييمات هوف الصريحة، والتفاصيل التاريخية الغنية تفتح هذه المذكرات فصل غير معروف في الدبلوماسية الأميركية.
يشار الى ان كتاب هوف قد فتح الشهية للبحث داخل الأرشيف حول العلاقات الإسرائيلية السورية ضمن سلطات نتنياهو المتعاقبة وتطرقت الصحافة والمواقع الإخبارية العبرية بداية شهر كانون اول/ديسمبر 2022 على نحو واسع تقرير صحيفة “العربي الجديد” اللندنية التي أوضحت بأن “نتنياهو أراد لقاء في أي زمان ومكان حيال المفاوضات مع سوريا خلال تسعينيات القرن الماضي”. وكشفت وثائق الأرشيف البريطاني حول المفاوضات السرية التي أجريت بوساطة أميركية في الفترة الممتدة بين 1995-1997، بأن “المبدأ هو حول الأرض مقابل السلام”، فيما طالب حافظ الأسد إسرائيل بالتوصل إلى اتفاق مع لبنان أيضا.
هذا فعلا ما تم في تشرين اول/أكتوبر 2022 عندما وقع قادة إسرائيليون ولبنانيون اتفاقا تاريخيا توسطت فيه الولايات المتحدة “لترسيم الحدود البحرية بينهما دون الاعتراف المتبادل” مما يمثل خروجا دبلوماسيا من عداء استمر لعقود ويفتح الطريق أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحلهما.
صرح الرئيس اللبناني ميشال عون في حينه “ان الاتفاق من شأنه أن يمنع الحرب وأن الوضع الكامل للحدود الجنوبية سيُحل من خلال الحوار”. لكنه أصر على أن “الاتفاق لا يشكل اتفاقية سلام مع إسرائيل”. فيما اشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته يائير لبيد في حينه بالاتفاق ووصفه بأنه “إنجاز هائل، يشكل اعتراف لبنان بإسرائيل على أرض الواقع. وقال “لا يحدث كل يوم أن تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي”.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، باحث دراسات ثقافية ومبادر منصة هُنا الجنوب