استشراف فلسطيني في سنة كبيسة: ما هي الحلى التي سترتديها الدولة ليلة زفافها

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف

التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، وخصوصا مع تولي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولايته السادسة تزامنا مع توقيع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على أمر اقتطاع نحو 139 مليون شيقل (40 مليون دولار) من عائدات الضرائب الفلسطينية، يعيد مخاوف حلفاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس من نوايا الحكومة الإسرائيلية الجديدة، تفكيك السلطة الفلسطينية. ما دفع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بالقول إن الإجراءات الإسرائيلية بخصم مزيد من أموال الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية عن البضائع التي تمر عبرها إلى السوق الفلسطينية تدفع السلطة إلى حافة الانهيار.

وسبق لإسرائيل منذ العام 2019 حجز أموال للسلطة الفلسطينية تساوي تلك التي تدفعها للمعتقلين الأمنيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وقال اشتية “مجموع الاقتطاعات بلغ حوالي ملياري شيقل منذ بداية العام 2019 لغاية نهاية العام 2022، وبلغ مجموع الاقتطاعات المتعلقة بالصحة والكهرباء والمياه وغيرها ما يقارب 1.6 مليار شيقل عن العام 2022 فقط”. وعجزت الحكومة خلال السنة الماضية عن الوفاء بالتزاماتها المالية ودفعت نسبة من رواتب موظفيها في القطاعين المدني والعسكري على مدار 13 شهرا بسبب الأزمة المالية.

يعرض كتاب أندريه دريزنين “ما الذي يريده الفلسطينيون؟ نماذج الدولة المنشودة في الخطاب الفكري والسياسي للفلسطينيين في الأعوام 1944-1988” الذي يقع في 480 صفحة والصادر في أيار/مايو 2022 نسيجا ثريا ومتعدد الأبعاد والأوجه للخطاب الفلسطيني حول صورة الدولة الفلسطينية المنشودة وحدودها وشكل الشرطة ومجتمعها السياسي منذ نهاية فترة الانتداب البريطاني وحتى صدور وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني للمجلس الوطني الفلسطيني في دورته 19 – الجزائر 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988. باستخدام مجموعة كبيرة ومتنوعة من المصادر.

يقدم دريزنين تطور الخطاب السياسي والفكري الفلسطيني المختلف في الوطن والشتات، داخل الأراضي الفلسطينية وفي إسرائيل، مع أبراز رؤى أهل الثقافة والأدب والصحافة والسياسة. كما يحلل برؤية إسرائيلية المواجهات الفكرية مع التحدي الذي تفرضه الصهيونية على الفلسطينيين، من النفي التام إلى محاولة صياغة نماذج مختلفة من التعايش. ويقدم الأفكار التي نشأت في البداية على هامش الساحة السياسية الفكرية الفلسطينية التي كان ينظر إليها على أنها هامشية وغير مهمة، وانتقالها تدريجيا إلى مركز النقاش وصنع القرار السياسي واستيعابها لاحقا في الحيز العمومي. إلى حد تغيير وجه الساحة بالكامل.

يراجع الكتاب بشكل دقيق كل جزء من المعلومات والخطابات التي ألقاها القادة الفلسطينيون من العام 1944 إلى العام 1988. كما يحلل برؤية إسرائيلية الخطاب الفلسطيني في كل فترة، ويجمع بين المقالات الأرشيفية والصحفية في النص. ويرى دريزنين أنه طوال أربعينيات القرن الماضي وحتى اندلاع حرب عام 1948 ومن ثم النكبة وقيام اسرائيل، شاركت ثلاثة عناصر متنافسة في الخطاب السياسي الفلسطيني: اللجنة العربية العليا بمبادرة الحاج أمين الحسيني في 1936، الى جانب الوزارة العربية، ورابطة التحرير الوطني.

الأول يتمتع بشرعية واسعة ويطمح إلى أن يكون الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني بأسره. فاللجنة العربية العليا هي التي ولدت معسكر الرفض، عندما عارضت أي مفاوضات مع المستوطنة اليهودية أو مع ممثلي الأمم المتحدة، وقد تجسد البديل السياسي للجنة العربية العليا في الوزارة العربية وخاصة رابطة التحرير الوطن، حيث كان الشيوعيون الفلسطينيون نشيطين والذين أيدوا أولا حل الدولة الديمقراطية الواحدة ثم لاحقا – في اقتراح التقسيم الذي قدمته الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947.

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، باحث دراسات ثقافية ومبادر منصة هُنا الجنوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى