صودا ليمون شراب الصيف المنعش بنكهات زنجبيل ونعناع وقطاع غزة
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف
تعيد صورة الجندي الإسرائيلي خارج الفرع الجديد لبنك ليئومي في خان يونس جنوب قطاع غزة، الفكرة التي لم تبرح تخرج من مخيلته، وتم التقطها في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1956 من قبل المصور فريتز كوهين، وهي تابعة لمكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي. يصدر قريبا كتاب “غزة: مكان وصورة في الحيز الإسرائيلي” تحرير عمري بن يهودا ودوتان هاليفي من منشورات دار النشر جاما 2023، والكتاب هو تأليف جماعي، لعدة دراسات هي الأولى من نوعها المخصصة تحديدا لمدينة غزة وقطاع غزة وصورتها في الثقافة والسياسة الإسرائيلية.
تعزيز الهجرة من قطاع غزة يحضر خلال هذا الكتاب، وهي دراسة قدمها الدكتور عمري شافر رفيف وهو مؤرخ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولإسرائيل المعاصرة الذي سيصدر معهد بن غوريون لدراسة إسرائيل والصهيونية كتابه أيضا قريبا بعنوان “تشكيل السيطرة: حكومة إسرائيل والفلسطينيين، 1967-1969”.
ووجد أن فكرة “تشجيع الهجرة العربية” التي تطفو بين الحين والآخر في الخطاب العام في إسرائيل. على عكس ما هو شائع، فإن جذور الفكرة ليست في هامش خطاب اليمين ولكن في القيادة السياسية لإسرائيل منذ اقامتها، وتعززت مباشرة بعد حرب 1967، بدأت حكومة إشكول في حينه برنامجا قدم الحوافز للعائلات والأفراد مقابل هجرتهم من غزة مع الإبقاء على مستوى معيشي منخفض وارتفاع مستوى البطالة في قطاع غزة، وهو الأمر الذي تم الكشف عنه مؤخرا عبر وثائق أرشيفية، وقد تم تسليط الضوء على هذه السياسة التي ظلت سرا من أسرار الدولة لعقود.
التشجيع على الهجرة هو اسم آخر للإجراء الذي سمي لسنوات “الترحيل” أو “الترحيل الطوعي” في إسرائيل، والذي كان يُنسب بشكل أساسي إلى أجندة اليمين في بذل الجهد لتشجيع الهجرة الفلسطينية من خلال تقديم الحوافز مقابل الهجرة من غزة إلى الضفة الغربية، مع الحفاظ على مستوى معيشي منخفض وارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة. وهذا ما كان هدف الحكومة برئاسة ليفي إشكول من خلال ضم القطاع إلى إسرائيل بعد تقليص عدد سكان القطاع الذين سيصبحون مواطنين في الدولة.
هذه السياسة تكاد تكون مجهولة اليوم لدى عامة الناس، لأنها أبقيت على أنها سر من أسرار الدولة. ولعقود عديدة، حرصت القوات الأمنية على إخفاء أي أثر لوجودها. في 2005، عندما سُئل شلومو غازيت، المنسق الأول للعمليات الحكومية في المناطق الفلسطينية، عن الموضوع، أجاب “من يتحدث عن هذا يجب أن يُشنق”. ومع ذلك، على الرغم من جهود الدولة بطمس هذه السياسة. كشف صحافيون اسرائيليون في أواخر ثمانينيات القرن الماضي جوانب هذه السياسة، أو على الأقل وجودها.
يظهر البحث أن أولئك الذين تعاملوا مع هذه القضية السياسية أدركوا بجدية أنه من الأفضل عدم الحديث عنها في الحيز العام. لكن في عام 2021، من أجل استقرار الوضع الأمني غير المستقر، بدأت الحكومة مثل سابقتها في تغيير الاتجاه والسماح لعدد صغير من العاطلين عن العمل من القطاع بالعمل في إسرائيل. ليس من الواضح ما إذا كان هذا الاتجاه سيتعزز أم يتضاءل، خاصة في ظل مواقف شخصيات رئيسية في الحكومة اليمينية الجديدة. ما هو مؤكد أنه منذ عام 1967 وحتى اليوم، ما زالت إسرائيل تبحث عن الصيغة التي ستنجح في تحقيق التوازن بين جميع اعتباراتها الأمنية والإقليمية والديمغرافية في قطاع غزة.
زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، باحث دراسات ثقافية ومبادر منصة هُنا الجنوب