ليلة واحدة تكفي على ضفاف النكسة قبل الخروج الثاني للتيه الطويل

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف

تجري أحداث رواية “ليلة واحدة تكفي” في الليلة التي شهدت نكسة حزيران من العام 1967، وتتخذ من مقهى عمّاني مفترض مسرحاً لأحداثها. الشخصيتان الرئيسيتان هما الممرضة وجدان التي تعمل في مستشفى عمّاني، فتلجأ لحظة الحرب وامتلاء السماء بالدخان إلى المقهى، لتواجه “ذيب” العامل هناك، وتُضطر إلى البقاء في المكان تجنباً للأخطار التي ستواجهها إن قررت التوجه إلى بيتها. وبالرغم من قصر الزمن الذي تجري فيه الأحداث، فإنها تلقي الضوء على تاريخ الشخصيتين بتفاصيله الممتدة في الزمان والمكان.

ذيب، الشاب الذي اضطر إلى الغربة قبل أن يعود إلى عمّان، ووجدان، ابنة العائلة المهاجرة من فلسطين على إثر النكبة، التي خرجت من قصة حب مؤلمة انتهت بفقدانها حبيبها الأسبق في حادث مأساوي. ويطوف السرد بالخلجات الداخلية للبطلين، مقدّماً حقيقة ما يشعران به تجاه أحدهما الآخر وما يلمّ بهما من أفكار وسط الوضع المضطرب في تلك الليلة الحزيرانية المشؤومة، التي جُعلت خلفية للأحداث وتطوراتها.

قاسم توفيق كاتب أردني من أصل فلسطيني من مواليد جنين، عام 1954. حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأردنية عام 1978. عمل في القطاع المصرفي، متنقلاً بين الأردن والإمارات العربية المتحدة وعدد من الدول العربية والأوروبية. ثم تولّى إدارة التدقيق الداخلي في أحد البنوك الأردنية حتى تقاعده. صدرت له خمس عشرة رواية، من بينها “أرض أكثر جمالاً” (1987)، “الشندغة” (2006)، “حكاية اسمها الحب” (2009)، “رائحة اللوز المرّ” (2014)، “نزف الطائر الصغير” (2017) الحائزة على جائزة كتارا للرواية العربية عام 2018، “حانة فوق التراب” (2020)، “جسر – عبدون” (2021)، و”ليلة واحدة تكفي” (2022)، بالإضافة إلى خمس مجموعات قصصية.

يقول الروائي قاسم توفيق، في تصريح حول الرواية “هل من المعقول أن تقف أمة بكاملها على عتبة يوم واحد من تاريخها لا تبارحه لأكثر من نصف قرن! تساؤل عاش معي منذ لحظة استيقاظي في عمان صبيحة يوم 5 حزيران سنة 1967 ولم أكن قد بلغت الثالثة عشرة من عمري، على أصوات زوامير الخطر، وعلى فزع غريب كان يستحكم فوق رؤوس السكان الوادعين الآمنين، في عمّان، الذين فوجئوا بأعداد كبيرة من الطائرات تغطي سماء المدينة، وكانت منخفضة وقريبة من الأرض لدرجة أن بعض الرجال المعروفين بسعة خيالهم أقسموا أنهم شاهدوا الطيارين الإسرائيليين وقرؤوا ملامح وجوههم وهم يلقون بقنابلهم على أرض المطار”.

ويشير توفيق إلى أنه في تلك الأيام لم تكن عمّان سوى بيوت قليلة متواضعة، لا تبعد أحياؤها كثيراً عن بعضها بعضاً، وكان المطار الوحيد آنذاك، الذي يحمل اسم الحي الذي يتمركز فيه “ماركا”، مكشوفاً لنا. كنا نرى المدرج وهو يدك بعنف، ونراقب الانفجارات وحركة دوران الطائرات ونحن نحتمي في ملاجئ البيوت، مبينا أن ذلك اليوم أصبح تاريخاً أعظم من كل ما عرفناه من أحداث طوال قرون، فهو لم يمضِ ولم يعبُر؛ بل بقي متسمراً فينا، ويصدمنا بهزاته الارتدادية إلى الآن. ويوضح ان رواية “ليلة واحدة تكفي” هي محاولة للإجابة عن السؤال الكبير الذي وضع في المقدمة، وهو “هل من المعقول أن تقف أمة بكاملها على عتبة يوم واحد من تاريخها لا تبارحه لأكثر من نصف قرن؟!، فكان لا بد أن أبحث عن مخرج لما مر بي وما عشته بعد ذلك اليوم وما يزال يؤثر في حياتي”.

اندلعت الحرب في 5 من حزيران/يونيو 1967 وانتهت في العاشر منه، وانتصرت فيها اسرائيل التي هزمت جمهورية مصر العربية والمملكة الاردنية الهاشمية والجمهورية العربية السورية واستولت على القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية. وتستبعد إسرائيل الانسحاب الكامل إلى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، لكنها مستعدة للانسحاب من بعض أجزاء الضفة الغربية مع ضم الكتل الاستيطانية الكبرى التي يعيش فيها غالبية المستوطنين. يظهر في الصورة الصادرة عن مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي فحص جوازات السفر على الجانب الإسرائيلي من جسر الملك حسين – معبر اللنبي – وهو المعبر الوحيد بين الأردن والضفة الغربية. بعدسة موشيه ميلنر، تعود الى 9 تموز/يوليو 1968.

زنجبيل الكتب | كايد أبو الطيف، مزارع في حقول الثقافة ومبادر منصة هُنا الجنوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى